01:42 الاحد 16 مايو 2021 - 04 شوال 1442 هـ إن أبغض الحلال عند الله الطلاق، وإن الأسرة لا تكمل دون الأب ولا تُستقام دون أم.. فإن كان الطلاق حلاّ لعدم التوافق المشاعري فهو الحل الأسلم قبل أن تخلق روح ثالثة، ولكن إن كان اختيار الطلاق بعد زرع هذه الروح في الحياة فيُصعب اختياره، روحٌ ونبتة، ثم كتلة ضخمة وبالغة من العقد وعدم الاستقرار العاطفي. ما المقصود في هذه الحلول المتعارف عنها؟ إنني لا أطرح حلولاً إنني أتعجب من كم الأزهار التي حوُلت من بُرعمة إلى شوكة، ومن فرح إلى حزن ومن أمان إلى تشرد عاطفي. كم الأمهات اللآتي يضحين بالبقاء دون الطلاق يكاد لا يعد، وكم الأمهات اللآتي يؤدين دور الأب والأم أيضًا لا يُحصى.. الأب هنا دائما مفقود، وربما يذكر في الأمور المادية وفي الأحيان الأكثر لا يذكر. ثم يُطلب من هذا الطفل الذي قد يكون تجاوز الخمسة عشر عاما بأن يتحمل مسؤولية مشاعره واختياراته وأن يجبر على بر والده أيضا – مجبور بكل الحالات، لا خلاف في الدين – وهذه ليست مقالة توعوية لأن مشاعر الأبوة أو الأمومة لا تدرس، ولكن يجب أن يتم ترشيد هذه المشاعر غير الجاهزة قبل فوات الأوان، ويجب أيضا اختبار قابلية وجود هذه المشاعر من الأساس، إن غريزة الارتباط لا تكمل بالإنجاب دائما بل قد تكون عائقا، وأنانية الحصول على الأطفال في وقت باكر خوفا من التقدم بالعمر لا تحمي من العوائق بل تزيدها عندما يكون الهدف ناقصًا من الأساس.
[١٤] واستدلُّوا بما رواه عمر بن الخطَّاب -رضي الله عنه-: (أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم طلَّق حفصةَ ثمَّ راجَعها) [١٥] وبما رواه عبد الله بن عباس -رضي الله عنه-: (إنما الطلاقُ لمَن أَخَذَ بالسَّاقِ) ، [١٦] وغيرها من الأحاديث. [١٧] [١٨] وقد ذهب جمهور الفقهاء الى أنَّ الأصل في الطَّلاق الإباحة، ويكون مُباحاً في حال كُره الرَّجل لزوجته وعدم إطاقته لها أو لاتِّصاف الزَّوجة بالأخلاق السيِّئة وعدم تمكُّنها من إصلاح نفسها، [١٩] [٢٠] وكذلك حال المرأة إن شقَّ عليها العيش مع زوجها في حال كُرهها له أو لاتّصافه بسوء الخُلُق؛ فيباح لها طلب الطَّلاق أيضاً، ولابد من ذكر أن بعد الطلاق ستترتب بعض الحقوق لكلا الزوجين. [٢١] متى يكون الطلاق مستحباً أو مندوباً؟ يُستحبُّ الطَّلاق ويُندب في حال الاضطرار؛ كالشِّقاق والنِّزاع بين الزَّوجين، ولا يكون الحلُّ الأمثل إلَّا الطَّلاق، أو في حال تقصير المرأة بحقِّ الله -تعالى- في الفرائض كالصَّلاة وغيرها من الأمور؛ إذ لا يستطيع الزَّوج إجبارها على أداء العبادة، [٢٢] أو في حال انحراف المرأة وقلَّة عفَّتها؛ فإن خشِيَ الرَّجل أن تأتيه امرأته بولدٍ ليس منه فيُستحبُّ طلاقها.
﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرً ﴾ [الطلاق: 1 مما لا شك فيه أن عقد الزوجية من جملة العقود والمواثيق القابلة للفسخ، فهناك حالات من الخلاف لا يمكن معها استمرار العلاقة الزوجية، وإلا فإنها ستؤدي إلى مشاكل ومفاسد خطيرة وعديدة. ولهذا نجد الإسلام قد شرع أمر الطلاق من الناحية المبدأية. بينما نلاحظ المجتمعات المسيحية التي منعت الطلاق - بأي شكل من الأشكال - تعيش مشاكل متعددة نتيجة لذلك، فغالبا ما يعيش الزوجان المختلفان حالة انفصال وتباعد، أو حالة طلاقة من الناحية العملية، رغم عدم الاعتراف بذلك من الناحية الرسمية. وكثيرا يلجأ الزوجان إلى اختيار زوج آخر غير رسمي. وبناء على ذلك فإن أصل الطلاق من الضروريات التي لا يمكن إلغاؤها بأي وجه من الوجوه ، ولكن ينبغي أن لا يصار إليها إلا في الحالات التي يتعذر فيها مواصلة العلاقة الزوجية والحياة المشتركة.
[1] شاهد أيضًا: الأصل في حكم الطلاق التحريم هل يجوز طلاق الحامل بعد معرفة حكم الطلاق الحائض، يجب معرفة هل يجوز طلاق الحامل، فإن الحامل يقع عليها الطلاق، وهذا ما أجمع عليه أهل العلم، وليس فيه خلاف، والحامل طلاقها إما سني وإما لا سنة ولا بدعة، وهذا ما ورد من خلال قول النبي صلى الله عليه وسلم، أنه أمر ابن عمر لما طلق امرأته في حيضها، أن يمسكها حتى تحيض ثم تطهر، قال: ثم ليطلقها طاهراً أو حاملاً، وهذا يعني أن طلاق الحامل أمر لا بأس به، بل هو سنة على الراجح، يعني طلاقها سُنّي لا بدعي. وفي محل السُّنة تطليق المرأة في حالتين، إما أن تكون حبلى، اي حامل، فطلاقها سُنّي لا بدعي، أو أن تكون طاهرًا لم يمسها الزوج، قد طهرت من حيضها أو نفاسها قبل أن يمسها، فإن هذا الطلاق سُنّي في هذه الحالة، ولكن يبقى الطلاق هو أبغض الحلال إلى الله، لأنه يفرق بين الرجل وأهله. [2] شاهد أيضًا: شروط الطلاق في المحكمة وإجراءات الطلاق في السعودية حكم طلاق الغضبان على الزوج أن يتقي الله سبحانه وتعالى، وأن يتجنب استعمال لفظ الطلاق، حتى لا يؤدي ذلك إلى خراب بيته وانهيار أسرته، وقد قسم العلماء الطلاق عند الغضب إلى ثلاثة أحوال، وهي: [3] الحال الأولى: وهي حال يتغيب معها الشعور، فهذا يلحق بالمجانين، ولا يقع الطلاق عند جميع أهل العلم.
[٥] واستنادًا إلى ما سبق فقد قال بعض أهل العلم بعدم ثبوت حديث أبغض الحلال، [٦] ولكنّ البعض الآخر قال بصحة الحديث متصل لا مرسل وعللّوا قولهم هذا بأنّ أبا داود -رحمه الله- قد أورده بإسنادٍ متصل ولم يكن فيه الراوي الضعيف الذي كان سببًا في تضعيف ابن الجوزي له، وقالوا بأنّ وجود الحديث المرسل بعد تقوية الحديث المتصل يزيد في قوته ولا يضعفّه، أمّا بالنسبة للمتن فقالوا بعدم وجود نكارة فيه، فليس هناك تعارض ما بين كون الأمر حلالًا وبغيضًا بنفس الوقت، فالله -عزّ وجلّ- يعلم حاجة عباده للطلاق فأحلّه لهم ولكنّه يكون مكروهًا لديه عند عدم وجود سبب أو حاجة تدعو إليه؛ والله تعالى أعلم وأحكم. [٥] معاني المفرادات في حديث أبغض الحلال عند الله الطلاق كالخلاف في صحة حديث أبغض الحلال فقد وقع خلاف في المعنى المراد من هذا الحديث حيث اعتبر البعض المعنى حسن بغض النظر عن كون الحديث ضعيف أم صحيح، ومنهم الشيخ ابن عثيمين حيث قال في تعليقه على هذا الحديث رغم أنّه ضعيف إلّا أنّ الطلاق مكروه بالأصل والواجب هو إمساك الزوجة، [٧] في حين عدّ آخرون هذا الحديث منكر السند والمتن لأنّ الحلال لا يكون بغيضًا والمعنى لا يصح ولا يستقيم، [٨] وفيما يأتي بيان لمفردات حديث أبغض الحلال إلى الله الطلاق: [٩] الطلاق: في اللغة هو حلُّ الوثاق وهو مأخوذ من الترك والإرسال، أمّا في الاصطلاح فهو حلّ عقد الزواج.
[٤] [٥] آداب إيقاع الطلاق إنّ لتطليق الرجل زوجته آداباً شرعيةً يجدر به مراعاتها عند إيقاع الطلاق، وفيما يأتي بيان جانبٍ منها: [٦] الحرص على رعاية المصلحة قبل إيقاع الطلاق، وذلك من خلال التروّي، والتحاكم إلى حكمين، فمن تعجّل في إيقاع الطلاق، وترك الاحتكام إلى حكمين فيه قد تلبّس بفعل المنهي عنه، ومخالفة المأمور به. إيقاع الطلاق في حالة الخوف من عدم إقامة حدود الله بين الزوجين؛ كأن تتضرّر المرأة بزواجها لما تراه من انكبابه على الفواحش، والمنكرات، أو إغراءٍ لها بترك الواجبات، أو ترغيبها بمشاهدة ما يأتيه من الموبقات، ونحو ذلك. عدم قصد إيذاء الزوجة، والإضرار بها من خلال إيقاع الطلاق عليها؛ لأنّ الضرر ممنوعٌ شرعاً، وقد نهى الله تعالى عنه في قوله: (وَلَا تُضَارُّوهُنَّ). [٧] ألّا يكون الطلاق بثلاثة طلقاتٍ دفعةً واحدةً، لنهي الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- عن فعل ذلك. الإشهاد على حدوث الطلاق، وعلى حدوث الرجعة أيضاً إن حصلت. ألّا يكون الطلاق في حالة الغضب. أن يقع الطلاق على الوجه المأذون به شرعاً، فلا يكون طلاقاً بدعياً محرّماً في وقت الحيض ، أو النفاس، بل في طهرٍ لم يجامع الرجل فيه زوجته. إيقاع الطلاق بإحسان؛ أي دون كلامٍ فاحشٍ بذيءٍ، ودون بغيٍ، أو عدوانٍ على المرأة.
بتصرّف. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية ، صفحة 112، جزء 3. بتصرّف. ^ أ ب ت مجموعة من المؤلفين (1404 - 1427هـ)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، مصر: دار الصفوة، صفحة 9، جزء 29. بتصرّف. ↑ سيد سابق (1977م)، فقه السنة (الطبعة الثالثة)، لبنان - بيروت: دار الكتاب العربي، صفحة 243-244، جزء 2. بتصرّف. ^ أ ب محمد التويجري (2010م)، مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة (الطبعة الحادية عشرة)، المملكة العربية السعودية: دار أصداء المجتمع، صفحة 833. بتصرّف. ↑ وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته (الطبعة الرابعة)، سوريا - دمشق: دار الفكر، صفحة 6880، جزء 9. بتصرّف. ^ أ ب محمد التويجري (2009م)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، الأردن - عمّان: بيت الأفكار الدولية، صفحة 179، جزء 4. بتصرّف. ↑ سورة النساء، آية: 21. ^ أ ب سيد سابق (1977م)، فقه السنة (الطبعة الثالثة)، لبنان - بيروت: دار الكتاب العربي، صفحة 241، جزء 2. بتصرّف. ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية ، صفحة 110، جزء 3. بتصرّف. ↑ وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته (الطبعة الرابعة)، سوريا - دمشق: دار الفكر، صفحة 6874-6876، جزء 9.